زعيم تنظيم #القاعدة أيمن الظواهري يبايع الملا أخترhttp://t.co/C7mE9PXKf4 pic.twitter.com/gY0eAQHui7
— قناة الجزيرة (@AJArabic) August 13, 2015
تعد خارطة العلاقة بين تنظيم القاعدة وحركة طالبان في أفغانستان أكثر تعقيداً وتشابكاً وتضارباً مما تبدو عليه ظاهرياً، فرغم محاولاتهما معاً إخفاء أية مظاهر للخلاف، إلا أن ثمة معطيات تؤكد حدوثه وإن كان بشكل مستتر مع ترجيح ظهوره للعلن بصورة أكثر وضوحاً قريباً، خاصة مع وجود إشارات أصدرتها حركة طالبان خلال الأعوام السبعة الأخيرة تفيد "عدم رضاها "عن منهج القاعدة المختلفة معها عقائدياً وسياسياً و استراتيجياً، حتى وإن تعمد زعيم التنظيم أيمن الظواهري اختيار مفردات دقيقة ومباشرة في بيعة القائد الجديد لحركة طالبان هبة الله أخونزاده، بعد اغتيال سلفه أختر منصور في 2016، والذي أكد فيها أنهم (على العهد باقون).
مشهد الخلاف المستتر بين تنظيم القاعدة وحركة طالبان ليس طارئاً، بل هو ملموس منذ تأخر التنظيم في إعلان البيعة لقائد الحركة السابق أختر منصور، وما تكون لدى قادة طالبان من صور ذهنية حول ضعف خلف أسامة بن لادن أيمن الظواهري، وهو ما يحاول الظواهري تداركه الآن باعتبار طالبان هي الحاضنة لجزء من قيادات التنظيم حيث تتوزع هذه القيادات ما بين أفغانستان وإيران. ورغم المصير المشترك للتنظيم والحركة في أفغانستان ظاهريًا، إلا أن ثمة خلافات جوهرية بين الجانبين من أبرزها:-
"نبايع على إقامة الشريعة، وعلى البراءة من كل حاكم أو نظام أو وضع أو عهد أو اتفاق أو ميثاق يخالف الشريعة، سواء أكان نظاماً داخل بلاد المسلمين أو خارجها، من الأنظمة أو الهيئات أو المنظمات التي تخالف أنظمتها الشريعة، كهيئة الأمم المتحدة وغيرها... وعلى الجهاد لتحرير كل شبر من ديار المسلمين... وعلى جهاد الحكام المبدلين للشرائع... ونصرة المستضعفين المؤمنين في كل مكان... وعلى إقامة الخلافة على منهاج النبوة".
كشف تحليل للمفردات المستخدمة في بيعة قائد تنظيم القاعدة أيمن الظواهري لحركة طالبان، عن تشددٍ جديدٍ في القاعدة تجاه الحركة، في محاولة تشير بطريقة أو بأخرى إلى سعي الظواهري نحو إقناع قادة طالبان بقوته وارتكازه على سند شرعي لا يقبل التقليل من قوته أو دوره أو سيطرته على مفاصل التنظيم الذي شهد تراجعاً ملحوظاً مؤخراً. وبايع الظواهري الحركة وهي بيعة تفسر على أنها (مشروطة) وترسخ لصورة ذهنية عانى منها التنظيم مؤخراً تتعلق بـ(قوته)، إلا أنها أيضاً تكشف أنه في حال عدم الالتزام بأي من بنودها فإن التنظيم (قد) يعتبرها لاغية، وهو ما يضع علاقاتهما في مأزق خاصة فيما يتعلق برؤية التنظيم لما يصفه بـ(تحرير كل شبر من بلاد المسلمين) ما يناقض توجه طالبان، التي يؤمن قادتها أنها فقط حركة تحرير وطنية داخل أفغانستان، ما ينذر بانفصال أو صدام جديد بين الجانبين، خاصة إذا ما حققت طالبان أي تقدم في مسارها العملياتي أو السياسي.
عبر تسجيل صوتي أعلن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في 27 مايو 2016 مبايعته لزعيم حركة طالبان الجديد الملا هبة الله أخونزاده، عبر عشر نقاط واضحة ومحددة، من أبرزها قوله "إنه واستمرارا على طريق الجهاد وسعيا في جمع كلمة المجاهدين واقتداءً بقادتنا الشهداء، فإني بوصفي أميراً لجماعة قاعدة الجهاد أتقدم إليكم ببيعتنا لكم، مجدداً نهج الشيخ أسامة في دعوة الأمة المسلمة لتأييد الإمارة الإسلامية وبيعتها."
واضاف في نص بيعته " نبايعكم على البراءة من كل حكم أو نظام أو وضع أو عهد أو اتفاق، أو ميثاق يخالف الشريعة سواء كان نظاما داخل بلاد المسلمين أو خارجها من الأنظمة أو الهيئات أو المنظمات التي تخالف أنظمتها الشريعة كهيئة الأمم المتحدة وغيرها، ونبايعكم على الجهاد لتحرير كل شبر من ديار المسلمين المغتصبة السليبة".
صاحب إعلان البيعة مؤشرات ودلالات تفيد وجود خلافات بين كل من زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، وزعيم حركة طالبان الجديد الملا هبة الله أخونزاده، بدت واضحة في تأخر هبة الله أخونزاده، قبول بيعة الأول، على عكس ما فعله في السابق كل من الملا عمر، والملا منصور.
إن تأخر أخونزاده، في قبول بيعة الظواهري يعد "رفضاً هادئاً" لقبول زعامة الظواهري لتنظيم القاعدة، إضافة إلى محاولة طالبان فك ارتباطها بالتنظيم لمنح الحركة مساحة مرنة للقيام بتنفيذ مناورات سياسية في الداخل الأفغاني، خاصة في ظل التطورات الحاصلة على الساحة الأفغانية، ومحاولة الحركة الخروج من دائرة تصنيفها كتنظيم إرهابي، إلى دائرة الحراك السياسي، عوضاً عن إرسال إشارات ربما فسرها البعض على أنها توحي بأن من يوصفون بـ "الأفغان العرب" باتوا غير مرحباً بهم في أفغانستان.
إن ما تشهده أفغانستان الآن من صراع – حتى وإن بدا مستتراً – بين أخطر التنظيمات على أراضيها(القاعدة) و (طالبان) يوحي بأن الفترة المقبلة وفي ظل المواءمات التي تقودها (الحركة)– بشكل غير معلن –، ستدفع لا محالة نحو صدام متوقع بين الجانبين، خاصة في ظل رفض التنظيم لأية تقاربات سياسية تقودها الحركة على الساحة الأفغانية أو الساحة الدولية، باعتبار ذلك سيصبح "كفراً" يخرج طالبان من الإسلام، وبالتالي تصبح البيعة لاغية وفق أدبيات القاعدة.
كما، كشفت البيعة أيضاً عن وجود خلافات مستترة بين التنظيمين – وإن بدت عكس ذلك - قادت الظواهري إلى توظيف تكتيك ملتو في هجومه على قائد حركة طالبان الجديد، يرتكز على تكثيف رسائله في مدح قادة الحركة السابقين، موجهاً عبرها رسائل خفية مضادة للرد على محاولات أخونزاده في التشكيك بقوته أو صلاحياته في قيادة التنظيم، بذات الاسلوب في الإيحاء بأن القائد الجديد للحركة ليس مثل سابقيه.
كما، حملت البيعة بعداً آخراً يكشف عن وجود تغييرات حقيقية في قبول مبدأ " السمع والطاعة" لدى الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة، وتلمس وجود ما يمكن وصفه بـ " تمرد خفي" لدى هذه الجماعات على قيادتها، بدا واضحاً في رفض بعضها – جبهة النصرة مثال - قبول بيعة الظواهري لحركة طالبان، وأن البيعة غير ملزمة لهم، وهو تحول خطير في نقاط ارتكاز التنظيمات المتطرفة وتركيبتها التنظيمية، تكشف عن وجود احتمالية لتغيير عناصر الارتباط أو التبعية بين تنظيم القاعدة والجماعات والخلايا التابعة له خارج أفغانستان.
إن بيعة الظواهري، وتأخر أخونزاده في قبولها، تحمل عنواناً عريضاً لفهم مستقبل العلاقات التي كانت قائمة بين التنظيم والحركة، وإمكانية تأثر هذه العلاقات بالتطورات الحاصلة على الساحة الأفغانية، خاصة في ظل إشارات – حتى وإن بدت ضعيفة - من طالبان توحي بقبولها بعض الحلول السياسية في أفغانستان، وهو ما يتعارض مع ما جاء في بيعة الظواهري لأخونزاده.
فور إعلان أيمن الظواهري مبايعة قائد حركة طالبان الجديد، أصدر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة في القاهرة بياناً في 12 (يونيو) 2016 قال فيه" إن تنظيم القاعدة بزعامة أيمن الظواهري يسعى إلى استعادة العلاقة القوية مع حركة طالبان الأفغانية، باعتبار أن الأخيرة هي الحاضن الأكبر لتنظيم القاعدة، حيث بايع الظواهري فى تسجيل صوتى بث عبر الإنترنت الزعيم الجديد لحركة طالبان الأفغانية الذى عُين الشهر الماضى بعد مقتل سلفه فى ضربة أميركية بطائرات بلا طيار، وقال الظواهرى فى التسجيل الصوتى ومدته 14 دقيقة أنه : استمرارًا على طريق الجهاد وسعيًا فى جمع كلمة المجاهدين واقتداءا بقادتنا الشهداء فإنى بوصفى أميرًا لجماعة قاعدة الجهاد أتقدم إليكم ببيعتنا لكم مجددًا نهج أسامة بن لادن فى دعوة الأمة المسلمة لتأييد الإمارة الإسلامية وبيعته”. ولفت المرصد إلى أن " العلاقة بين الطرفين تعرضت إلى هزة عنيفة إبّان فترة الزعيم السابق لطالبان الملا أختر منصور، والذي رفض دعوة الظواهري إلى شن هجمات على المملكة العربية السعودية وحلفائها الغربيين، ردًّا على قصاص المملكة من 43 عضوًا بالتنظيم، حيث أكدت طالبان رفضها القاطع: القيام بأي عمل عسكري خارج أفغانستان، وتبرؤها من تنظيم القاعدة وسياساته، وتأكيدها على سعيها نحو إيجاد علاقات جيدة مع العالم، وهو ما تسبب في حدوث هوة وشقاق بين الحركتين، وتباعد في العلاقة صب في صالح تنظيم داعش".
وأضاف المرصد إن " تنظيم القاعدة يأمل أن تحمل الزعامة الجديدة لحركة طالبان بقيادة هبة الله أخونزاده بوادر عودة العلاقة القوية مع تنظيم القاعدة، خاصة أن العمليات النوعية التي قامت بها الحركة في ظل الزعامة الجديدة توحي ببدء فترة صدام وتصاعد للعمليات الإرهابية التي تستهدف العناصر الأفغانية والأجنبية في أفغانستان، وتوجه جديد للحركة نحو مزيد من التصعيد والصدام مع القوى الدولية". وقال المرصد إن "المرحلة القادمة ستكشف عن التوجه الحقيقي لحركة طالبان، ومدى استجابتها لمحاولات القاعدة إعادة العلاقة القوية بين الطرفين، واستعادة القاعدة للحاضنة الأكبر والأهم لها منذ نشأتها، خاصة وأن حركة طالبان تتمتع بعلاقات جيدة مع عدد من الدول الإسلامية، كما أنها تحرص على أن تظل عملياتها داخل أفغانستان دون أن تمتد إلى خارجها، وهو العنصر الجوهري في الخلاف بين القاعدة وطالبان، حيث تمتد عمليات القاعدة إلى مختلف الدول دون قيود أو حدود، في حين يظل نشاط طالبان داخل حدود الدولة الأفغانية".
هجمات نيويورك
هجمات الرياض
هجمات نيروبي
ظهرت احتجاجات في أفغانستان، واضطرابات في باكستان، وتحركات عملياتية للتنظيمات الإرهابية في إندونيسيا، وذلك عقب انخفاض ملحوظ في مؤشر العنف خلال أسبوع عيد الفطر بنسبة بلغت 45% في كل تلك الدول مجتمعة، شملت تراجعاً بنسبة 52% في الداخل الأفغاني، و74% في داخل باكستان. إلا أنه وبعد إعلان انتهاء وقف إطلاق النار بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان مؤخراً، عاود مؤشر الإرهاب إلى الارتفاع مجدداً في هذه المنطقة من العالم، وفي أفغانستان تحديداً بنسبة بلغت 20% مقارنة بالأسبوع الذي سبقه، وكانت الحكومة الأفغانية قررت في يونيو الماضي تمديد وقف إطلاق النار مع حركة طالبان، غير أن طالبان استأنفت عملياتها الإرهابية بهجوم في عيد الفطر، كما شنت هجمات في مقاطعات عدة منها فارياب، هيلماند، وبادغيس، وتم عقب هذا الإعلان رصد ارتفاع في مستويات العمليات في الشارع الأفغاني بنسبة بلغت 38 %.
هذا الرسم البياني يمثل إحصائية الأحداث الإرهابية لتنظيم (طالبان) في أفغانستان من بداية عام 2018م إلى شهر يونيو 2018م حيث مجموع الهجمات في المدة المذكورة 786 هجمة، مما يفسر صعود حركة طالبان وتصعيدها مجدداً خوفاً من منافسة التنظيمات الأخرى، وذلك بحسب The Armed Conflict Location & Event Data Project (ACLED) وقراءة فريق التحليل الرقمي في المركز العالمي لمحاربة الفكر المتطرف (اعتدال)، بالإضافة إلى الأحداث الإرهابية لتنظيم القاعدة في أفغانستان من بداية عام 2018م، إلى شهر يونيو 2018م حيث مجموع الهجمات في المدة المذكورة 66 هجمة.
يتفاوت العنف ما بين تنظيم القاعدة، وحركة طالبان، فيما يتعلق بعدد ونوع وموقع تنفيذ كل طرف لعملياته الإرهابية، وهو ما يكشف خارطة العنف لديهما، حسب تحليل البيانات الواردة وفق مؤشر الإرهاب العالمي، إضافة إلى رصد الإدارات المعنية في المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال)، وفق التالي:
عمليات ضد فصائل أخرى
عمليات ضد فصائل أخرى
عمليات ضد مواطنين
عمليات ضد مواطنين
عمليات (استهداف عن بعد)
عمليات (استهداف عن بعد)
تشير كثير من التحليلات والقراءات المتعددة وبيانات أجهزة الرصد والتحليل، إلى أن أزمة كبرى تشهدها العلاقات المعقدة بين تنظيم القاعدة وحركة طالبان، حتى وإن اجتهد الجانبان في إظهار غير ذلك، خاصة في ظل تصاعد ضغوط العمليات العسكرية التي تشنها الولايات المتحدة وحلف الناتو والقوات الحكومية ضد عناصر التنظيمين، ما يدفع باتجاه إعلان قادة طالبان فك أية ارتباطات تنظيمية أو عملياتية مع تنظيم القاعدة، في ظل تضارب المصالح الكبير بين الجانبين.
+ المصادر