اعتدال

Edit Content
  1. الرئيسية
  2. التدريب الجامعي

راية الوطن ورايات التطرف

حينما تتسلل أفكار التطرف نحو عقل الإنسان، فأول ما يبدأ ينفك عنه هي عرى انتماءاته الأصيلة، وهنا تغيب شمس الاطمئنان عنه، فتسود في وجدانه مشاعر الظلمة والوحشة والتيهِ وفقدان القدرة على الاندماج، وتنفتح أبوابٌ مظلمة داخلها ممرات طويلةُ مُلطخةٌ بعداوة الوطن، وهنا يُعلن المتطرف بشكلٍ واضح قطع مالا يصح قطعه مع أصوله ومجتمعه ووطنه، ما يجعلهُ كائنًا سائبًا تافهًا خطيرًا تتلاعب به أهواء التنظيمات وتقلبات الأجندات، التي ستجعل من حياته مجرد أداة عابرة يستعملها غيره في تحقيق مآرب لم تخطر على باله.

إن كارثة المتطرف في تلك الانسياقات التي لا تتوقف، ما بين تخبطات متداخلة ومختلطة ومتشعبة، وتيارات إرهابية تتصارع على المصالح التنظيمية التي لأجلها  يقتل بعضهم بعضًا،  وبفعل هذا التدافع العدواني  ينتهي المتطرف بأن يجد نفسه وقد وقع في الفخ، وأنه وصل إلى نقطة اللارجوع؛ فتراهُ تائهًا حائرًا بين رايات كثيرة، وكل راية تدّعي بأنها الحق الخالص، مطالبةً أتباعها السُذج بأن يقدموا أرواحهم فداء لأجلها، في مقابل وعود زائفة، وهلوسات خادعة، وحسابات خاطئة، إنها راياتٌ تطلب من أتباعها كل شيء في مقابل لا شيء، تطلب منهم الدم في مقابل الوهم.

وفي المقابل تتجلى راية الوطن الواحد في أبهى صورها، وهي تعبّر عن  روح الاستقرار والتصالح مع الذات، والارتكاز  إلى المؤسسات الوطنية والخلفيات التاريخية والثقافية واللغوية الجامعة والموحدة. إن المواطن الصالح حينما يتأمل راية وطنه، المُحاطة بكل أشكال الحب والاعتزاز والفخر، فهو يشعر بأمان الانتماء والولاء الواضحين، والامتداد الفعلي لهويته، في عمقه التاريخي الخاص الذي يحمل إرث أجداده، وفي جغرافيته الحاضنة التي تحمل ملامح وجوده وترابه الضاربين في القِدم. إن الراية الواحدة للوطن هي بمثابة الأصل العزيز الذي لا يشوبه ما يشوّش عليه من دعوات خادعة، ولهذا فراية الوطن هي شرف الانتماء دومًا، وفي ذلك نقاط.

  • أولًا: إن راية الوطن عنوان لمجتمع هو كالأسرة الواحدة التي تعيش في كنف مؤسساتها التي ترمز لشرعيتها الوطنية والتاريخية، وهذا ما يجعلها عبارة عن جسم واحد يُمثل الاعتداء على أي فرد فيه اعتداء على الجسم كله.
  • ثانيًا: إن النشيد الوطني بلحنهِ الجميل هو في حقيقته صوت إيقاع نبض قلوب كل أبناء الوطن، في احتفائهم الجماعي بهوية جامعة ، يُطرب أرواح كل أبناء الوطن، ويجمع كلمتهم تحت شعار واحد، وقائد تلتم من خلاله كل الأطراف.
  • ثالثًا: إن راية الوطن ثابتة خفاقة فوق أرضٍ صلبة وتحت سماء تشهد بعظمتها، بينما تتلاعب الرياح المذهبية والتنظيمية برايات التطرف كقطعة قماش لا أصل لها، ولا قيمة، ولا معنى، فتراها في كل مرة تطّل بلونٍ جديد، وبتفصيل مختلف، حسب ما ترمي بها هذه الرياح.
  • ختامًا: إن كل راية تُرفع فوق راية الوطن هي راية تخريب وتدمير. لهذا من واجب كل مواطن أن يرفع راية الوطن عالية ويحميها، بما يساهم به من أعمال في صون الوطن ورعايته والاعتزاز به.